لا تقولي لطفلك .. نعم دائماً
* ترجمة:سعاد زكريا
كتبت إحدى القارئات في وصف الإرهاق الكبير الذي يسببه لها طفلان في عمر 7 و9 سنوات كلما حبسها الطقس الرديء معهما في شقتها الضيقة. وقد أجابت المحررة المختصة بما يلي:
أراك أيتها السيدة حبيسة شقتك الضيقة مع طفليك الصغيرين الضاجين كالفراشات وهي سجينة قفص زجاجي لا تكف تضرب جداره بأجنحتها الهشة طلباً للحرية والانطلاق إلى مروج الأزهار والخضرة الريانة. اسمحي لي أن أوجه إليك هذا الاتهام الصغير:
أخالك أماً تترك لأعصابها أن تتحكم فيها.
وإني لأتساءل: ترى لو سمحت أن أعرض عليك أفكاري الشخصية حول تربية الأطفال، ألا تتهميني بأنني متجنية؟ إني على أي حال متمسكة باعتقادي انه يمكن إسعاد بعض الناس دون جلب التعاسة للبعض الآخر وانه إلى جانب حقوق الأطفال، توجد حقوق لوالديهم وهي الحق بالراحة، الحق بالتمتع بالهدوء في بعض الساعات والحق في العمل دون إزعاج وإني لا أتردد أيضاً بالقول ان باستطاعة الطفل أن ينمو وينتعش دون صراخ، وان البكاء ـ إذا كان الطفل متمتعاً بصحة جيدة ـ ليس سوى عادة غير مستحبة .. ولست أرى أن حرمان الأطفال الذين يعيشون في المدن من ألعاب صاخبة كالطبول والدفوف والصافرات عمل غير انساني ويخلو من الحنان.
ان خير ما يمكن أن يتعود عليه الطفل هو العمل بهذه الوصية الجوهرية: (كن حازماً في الخارج ومتساهلاً في البيت).
أي أن نترك له حرية النزهة في الملاعب والحدائق وأن يتبع في البيت نوعاً من النظام. وليس من الضروري أن يكون هذا النظام صارماً، ولكن المهم أن يراعى. وإذا لم يكن من الصعب جداً فرض سلطة الأم فليس من السهل المحافظة عليها وتدعيمها، ذلك أن الغريزة الفوارة عند الطفل واندفاعه الذي لا يخلو من الدهاء والحيلة لن تلبث أن تطيح بكل ما تكون الأم قد فرضته من (قوانين) اللهم ان لم تكن الأم حازمة وغير ناجحة في أسلوبها التربوي.
ـ فعاليات الأطفال:
ان على الأم أن تحد من بعض فعاليات طفلها، مثال ذلك: إذا كان طفلك يجد متعة وتسلية في السير وهو يخبط بقدميه على أرضية البيت فبوسعك جعله يجد مثل هذه المتعة والتسلية في السير على رؤوس أصابعه أو التنقل بخفة مقلداً الهر!
والآن هل من عادتك يا سيدتي أن تقولي لطفلك (لا) وأنت تبتسمين؟ وهل تتمسكين بكلمة الـ(لا) بصرامة وحنان معاً؟ حسن ان هذا شيء مهم جداً.
أعرف مربية ذات خبرة وتجربة كانت تقول: (لقد قمت بتربية الكثير من الأطفال الصغار ووجدت شيئاً مشتركاً بالنسبة للجميع وهو أن يكون اليومان الأول والثاني والليلتان الأولى والثانية جحيماً لا يطاق. ثم بعد ذلك تسير الأمور وتصبح على ما يرام إذا لم ألق سلاحي في المرحلة الصعبة ذلك أن الطفل يكون قد كوّن فكرة عن مربيته وأنت يا سيدتي ان (طفليك) ذكيان وشقيان فلماذا لا تستفيدين من هذه الفكرة ولا تحاولين القاء سلاحك في المراحل الصعبة!
ـ التآلف مع الأطفال:
أما أنا خلافاً للاعتقاد السائد، فلا أرى أنك والطفلان لا تستطيعان أن تتعايشا بسلام، فهل أنت واثقة من كونك تحاولين دائماً مخاطبة ملكة التفهم والذكاء عند طفليك؟ لست أحسبك من فئة الآباء والأمهات الذين يفضلون النهي على الاتهام والتعويد على التحذير؟ لا أحسبك من المدرسة التي نظامها أن تفعل كذا أو كذا .. أما أنا فأتفق مع مدرسة أخرى معاكسة مدرسة (افعل كذا أو كذا) ولكن..؟ ولأوضح لك نظريتي بهذا المثال: ايصر طفلك مثلاً على أن يشرب حليبه في كأس ثمين، فقولي له: (خذ واشرب به حليبك ولكن انتبه فإذا كسرته فستحرم إلى الأبد من لذة الشرب به) ومثال آخر: يريد أن يستخدم السكين على المائدة، فقولي له: (لا بأس على أن تنبهيه إلى أن السكين يجرح الإصبع كما يقطع الخبز).
وان الكماشة تعض اليد كما تطبق فكيها على المسمار الخ .. بهذه الطريقة يتعود الطفل على شيئين مهمين: أن يكون حذراً وأن يحسن استعمال الأدوات التي تقع في يديه، فإذا كانت جديدة عليه ولا يعرف ما قد تسببه من أذى توجه إليك بالسؤال.
ولنفرض انه جرح اصبعه بالسكين وجاءك باكياً ... لا تنهريه ولا تصرخي ولا تفقدي أعصابك، قولي له بكل هدوء: (هل رأيت؟ لقد جرحت نفسك وسال دمك وتألمت، ففي المرة المقبلة استعمل السكين بحذر أكثر وعليك أن تجوب مرة أخرى .. ).
لا تخافي أبداً ألا يفهمك طفلك مهما كان حديث السن ذلك، ان أذهان الأطفال، منذ نعومة أظفارهم تكون متفتحة بشكل عجيب.
*المصدر : مجلة المرأة الانكليزية